في إحدي القري البعيدة عن المدن
اعتاد السكان منذ قديم الزمان أن يتعايشوا بالألفة والمودة
مع عائبة الغول الكبير
ويتحملوا جميع أشكال المخاطر التي يتعرضون لها
إذ إن الغول عندما يجوع كان يأكل أي شئ وأيا كان نوعه
ولا يرأف بأحد
وفي تلك القرية نفسها كان يعيش ماهر
الملقب بالمغامر
وقد كان شابا صغير الحجم
لا يكاد يكون بحجم جزمة الغول
ذات يوم
ذهب ماهر كعادته كل يوم اثنين إلي المدرسة
ولكن عندما غادرها لم يذهب إلي المنزل مباشرةً
بل قام بنزهة قصيرة في الحقول المجاورة لا ستنشاق الهواء وعبير الأزهار
وفيما هو علي تلك الحال
صادف الغول الكبير الذي حمله واصطحبه معه إلي منزله
من غير أن يتفوه بكلمة
وعندما وصل سألته زوجته
هل جلبت معك بعض الطعام ؟
كنت أنتظرك كي أعد طعام الغداء
فأجاب الغول آه
لم أحضر إلا تلميذ مدرسة
لا يكاد يصل حجمه إلي طول جومتي !
تململت الزوجة وقالت
ولكن يا عزيزي
تلميذ صغير كهذا لا يبدوا لي شهيا
فهو هزيل البنية وقصير القامة !
ولكن لا بأس
اذهب الآن وأحضر لي بعض الثوم والسعتر البري والملفوف لأضيفها إلي الصالصة
حسناً أجاب الغول
وقد ترك ماهراً المغامر لعناية زوجتة
ولم يكن ماهر يود أن يتحول غداءً للغول وزوجته
فاغتنم فرصة خروج الغول من البيت ليقول للزوجة
ماذا ستتناولان بعد طعام الغداء من الحلو ؟
لا أدري ! من المرجح أن الغول لم يفكر بهذا الموضوع
فما كان من ماهر إلا أن قال
أنا أعرف جيداً أين يمكن أن أجد لكما قالب حلوي بالشوكولا
فأمي قد أعدت قالباً شهياً لهذا المساء
هل أمضي لأحضر لكما قطعتين كبيرتين ؟
ممممممممممم نعم معم
سارعت الزوجة بالقبول من دون تفكير
وقالت لماهر أتعلم !
أنا والغول نحب الشوكولا كثيراَ
فصاح ماهر
إذا سأذهب سريعاً لإحضار الحلوي
وخرج ماهر من منزل الغول الكبير وبطبيعة الحال لم يعد
ولم يكن طعام الغداء للغول وزوجته
في ذاك اليوم سوي بعض الثوم والسعتر البري والملفوف
مرت الأيام وأتي يوم الخميس
وعندما غادر المدرسة لم يرجع مباشرة إلي البيت
بل قام بنزهة في الحقول المجاورة
وما لبث أن صادف الغول الكبير للمرة الثانية
آه ها أنت مجدداً
وحمله الغول ليصطحبه إلي بيته
وعندما رأت الزوجة ماهراً
صاحت بزوجها
هذا الصبي مرة أخري ؟
ألا تري كم هو هزيل ؟
فاجاب الغول
لا بأس به فأنا أشعر بالجوع
ضعيه في الخزانة ريثما أحضر الأعشاب
وتقومين أنت بتقشير البصل
وعندما غلت الماء والأعشاب والبصل في القدر الكبيرة
سارع الغول الجائع
إلي الخزانة ليطهو ماهراً المغامر
إلا أن الشاب لم يكن يرغب في أن يتحول طعاماً سائغاً للغول وزوجته
فناول الغول جزمة قديمة كانت لديه
وكان الغول يشعر بالجوع إلي حد أنه لم ير ما الذي وضعه في القدر
وأبقي باب الخزانة مفتوحاً
فانتهز ماهر المغامر الفرصة
وعاد إلي بيته
مرت الأيام علي تلك الحادثة
وعاد ماهر المغامر يتنزه بدلاً من العودة إلي البيت مباشرة
فالتقي الغول للمرة الثالثة
حمله الغول معه إلي البيت ككل مرة من غير أن يتعرف عليه
وصاحت به الزوجة
لا لا هذه المرة لن أطهو أي تلميذ
في المرة السابقة
كان قاسياً ونتناً
كجزمة غول بالية
سمع الغول كلام زوجته
ورمي بماهر خارجاً
عاد ماهر إلي البيت وأطلع والديه علي ما حدث معه
فقالت الأم
إياك أن تتنزه بمفردك قبل العودة إلي المنزل الآن !
وقال الأب
مضيفا
لقد كان حظك سعيداً حتي الآن
ولكن إياك أن تغامر ثانية
فمن يدري من يؤول إليه مصيرك ؟
ولقد وعد ماهر المغامر والديه
بأن يعود إلي البيت مباشرة بعد المدرسة
حتي لا يقلقا عليه